فهي خمسة أمور :
أحدها : أنهم اختلفوا هل يجوز ان يكون مع المنجم أحد في موضع التنجيم بناء كان أو غيره , ومنهم من منع ذلك وقال : لا يجوز أن يكون معه في الدار أحد , بل ولا شيء من الحيوانات بل حتى نحو الفأر والهرة , ومنهم من أجاز ذلك ثم يتفرع على هذا الخلاف خلاف آخر وهو الخلاف في جواز اتخاذ المعين , ومن منع في الأول منع في الثاني قائلا إنه لا بد لمريد التنجيم أن يجمع في موضعه كل ما يحتاج اليه مدة التنجيم الى تمام العمل من المأكولات والمشروبات ومن الطهارتين الكبرى والصغرى , ومن أجاز في الأول اجاز في الثاني الا ان من اجاز ذلك اشترط على المنجم متى اتاه المعين الموافق يأمره بأن يقف بباب البيت من غير اطلاع على البيت بشرط ان يقرأ قبل ان يفتح المكالمة معه بل عند اول ما يراه فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخاتمة البقرة و ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) وسورة الإخلاص والمعوذتين ونحوها من قوارع القرآن , وإنما اشترطوا عليه ذلك وامروه به احترازا عن تمثيل بعض المردة والشياطين بصورة النعين حتى يأمنه ولا يغتر بضوء النهار وطلوع الشمس , لأنهم ربما يخيلون اليه الوقت كذلك فيغتر به ويترك الإحترازفيؤديه الى الهلاك والحق في هذا الخلاف هو ان الإنفراد أولى ما لم تحوج الصورة الفادحة الى المعين فيتعين .
ثانيها : مدة التنجيم , فقد اختلفوا فيها فمن الناس من اكتفى بالليلة فقال : إنه في المطلق الغير المقيد بعدد مخصوص يجلس في المنزل بعد تحصيل الشروط , ويقرأ في العزيمة العامة إحدى وعشرين مرة بعد قيام الدخان المناسب ثم يبقى في محله , إن شاء الله بقي طول ليله مصليا وإلا فنائما كما تقدم , ثم اذا طلع الصبح جدد وضوءا للصلاة ثم قرأ العزيمة احدى وعشرين مرة بعد قيام الدخان الممناسب ايضا ثم بعد ذلك يأخذ ما نجمه فيضعه في حقة صغيرة نظيفة مطيبة ثم يعمل ما يقتضيه من دفن او تعليق او غيرها هذا في تنجيم التميز .
وأما في تنجيم الطاعة او الجلب فمنهم من قال : يكفي فيهما ثلاثة ايام ومنهم من قال : لا بد من السبعة .
وأما سهل بن عبدالله التستري فإنه قال : لا بد من الأربعين الا انهم كلهم اتفقوا على انه كلما كانت الأيام أكثر كان الأمر انجح وأتم .
ومنهم من لم يكتف بهذا القدر , والحق الذي لا ريب فيه ولا شبهة هو التفصيل , وذلك بأن يقال الليلة الواحدة كافية في تنجيم التمييز وما فوق الى الأسبوع .
وأما تنجيم الطاعة : فأقله الأسبوع الى واحد وعشرين يوما , وان كان المراد هو تنجيم الإجابة فأقله واحد وعشرين وغايته تسع واربعون اذ ليس عندهم تنجيم بل ولا رياضة من الرياضات الحكمية ما يزيد على ذلك , واما السنوية والقمرية فهذه انما هي لأهل الغنى والإستغراق فلا تصلح لأحد من اهل البدايات .
وهذا كله في التنجيم المطلق الذي لم يقيد بعدد مخصوص كما ذكرنا واما لو كان مقيدا بعدد مخصوص قليل او كثير فإنه يتبع ذلك ويتعين ثم على كل من الأقوال فإنه لا يزال في التنجيم الطاعة ويفعل مثل ما فعل في الليلة الأولى المذكورة في تنجيم التمييز من القراءة ليلا وصباحا قبل طلوع الشمس الى ان تتم الأيام التي قصدها او الأيام المعينة في جزئية من الجزئيات , وبعد الصباح من الليلة الخيرة يقرأ العزيمة على الصفة السابقة ثم يروح قبل طلوع الشمس ويتصرف في المنجم بما يليق من محو او تعليق او دفن او غير ذلك .
وفي تنجيم الإجابة : لا يزال يفعل مثل ما ذكرنا الى ان تظهر له علامة من العلامات السابقة فيخرج من المندل بعد القراءة على الكيفية السابقة قبل طلوع الشمس ويتصرف في المنجم بما يليق به من دفن او غيره فافهم ترشد .
تنبيه مهم يفيدك في مواطن عديدة : وذلك أنك متى وجدت في كلام أئمة هذا الفن او كتبهم ذكر التنجيم غير مقيد بعدد مخصوص مثل ان يقولوا : ثم نجمه بعد كتابته ولم يقولوا بعد كذا وكذا يوما او حتى تظهر لك العلامة او قالوا : انقش الشيء الفلاني غلى المعدن الفلاني او الحجر الفلاني ولم يذكروا التنجيم اصلا فإن في هاتين الصورتين محير في ان تنجمه بأحد المراتب الثلاث التمييز او الطاعة او الإجابة .
واذا اردت شدة التأثير ونهايته : نجمته بالثالثة .
واذا اردت التوسط : نجمته بالثانية .
واذا اردت تحصيل ادنى ما يطلق عليه اسم التنجيم : نجمته بالأولى .
واما اذا رأيت في كلامهم او وجدت في كتبهم تقييد التنجيم في ليلة واحدة او ليلتين او ثلاث مما هو دون الأسبوع فقد تعين عندك بأن مرادهم تنجيم التمييز , وان قيدوه بما يزيد عن الأسبوع كثمانية او اسبوعين او اكثر ولم يقيدوا بظهور العلامة فاعلم ان مرادهم به تنجيم الطاعة , واما ان قيدوه وحددوه بظهور علامة من العلامات فاعلم انهم ارادوا بذلك تنجيم الإجابة فإن قيدوه بأسبوع بلا ذكر علامة فهو محتمل للتمييز وللطاعة فافهمه , فإنه مهم بل هو من اسرارهم التي لم يرضوا بإيداعها صحائف الوراق غيرة عليها أن يطلع عليها من ليس اهلا لها فافهم ترشد .
ثالثها : اختلفوا في انه هل يصوم في ايام التنجيم ام لا ؟ فالحق الذي لا امتراء فيه انه متى كان قويا على الصوم بحث لا يمنعه عن تكميل الأعمال التنجيمية فيلزمه الصوم والا فيرخص له الإفطار لئلا يتعطل عن الخدمة .
رابعها : لو تاقت نفسه الى شيء من الحلاوي التي ليس فيها من الحيوان ولا ما خرج منه مما فيه ترفه . فبعضهم اجاز ذلك ومنعه آخرون , فالحق انه ما دام يمكنه الإحتراز عنها بدون حصول ضرر فادح فإننه يجتنبها .
خامسها : كمية الغسل المستعمل في التنجيم , فقد اختلفوا فيه , فمنهم من قال , لا بد في كل يوم وليلة من سبع غسلات وآخرون قالوا : لا بد في كل يوم وليلة من خمس غسلات وقيل ثلاثة .
واتفقوا كلهم على انه لا بدد من غسلتين واحدة بالنهار والأخرى في الليل والحق انه لا بد من الأثنين فهو مخير في الزائد الا انه كلما كان اكثر كان احسن , اذ المقصود هوو النظافة ثم أوقات الغسل بالسبعة تكون على هذا الترتيب قبل صلاة الصبح وعند ارتفاع الشمس قدر رمح وعند نصف النهار وقبل العصر وقبل المغرب وقبل العشاء وعند نصف الليل او عند السحور وعند القائل بالخمس الغسلات تكون قبل الصلوات الخمس والصلوات عقبها , وعند القائل بالثلاث تكون غسلة عند الزوال وغسلة عند الجلوس في المندل لقراءة العزيمة والثالثة عند طلوع الفجر وقبل الصلاة وعند القائل بالغسلتين اللتين قيل : لا بد منهما واحدة نهارية عند الزوال وواحدة ليلية عند الجلوس في المندل .
تتمة : واعلم انه لا بد عقب كل غسلة من الغسلتين او الثلاث او الخمس على اختلاف الآراء والمذاهب من صلاة إما فريضية اذا كان الوقت وقتها وإما اربع ركعات تركعها بتسليمة واحدة , تقرأ في الأولى بعد الفاتحة : تنزيل السجدة وفي الثانية : يس وفي الثالثة : الدخان وفي الرابعة : تبارك وسورة العصر , فهذا هو الأحسن ولك أن تقرأ غير هذا فهو واسع ثم بعد الصلاة مطلقا ينبغي ان تشتغل بأنواع العبادات خصوصا بعد صلاة المغرب بين العشائين , اذ هو الوقت الذي لا يضيع البتة حتى ذهب جماعة من المفسرين الى ان المراد بقوله تعالى : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع )
وهو ما بين العشائين وذلك لغفلة الناس وقت اشتغاله بالأكل والشرب والأولى في هذا الوقت ان يشتغل بالصلوات التي تطول فيها القراءة ثم بقراءة القرآن ثم التسبيحات والتهليلات وينبغي ان تكون ايامه ولياليه عند التنجيم على هذا النمط وخصوصا من القرآن سورة آل عمران وهود ويوسف والرعد وبني اسرائيل والكهف ومرثم وطه والفرقان ووالسجدة وفاطر ويس والصافات و ص و حم السجدة و حم عسق والزخرف والأحقاف والفتح واقتربت الساعة والرحمن والواقعة والمجادلة والص وتبارك والحاقة والجن وخصوصا منها ( قا أوحي ) والمزمل والقيامة و ( اذا الشمس كورت ) الى الختم , وليكثر ان يقول قائما او قاعدا في جميع الأحوال من قول لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ( الله لا اله الا هو الحي القيوم ) بسم الله الرحمن الرحيم ( الم الله لا اله الا هو الحي القيوم ) ( وعنت الوجوه للحي القيوم)
يا حي يا قيوم أهيا شراهيا أدوناي أصباؤت آل شداي بشماع شمعيون شمعجون ثياربو ثار تبرا
( لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين )
والأحسن أن يكون داعيا متضرعا في جميع الأوقات وفي عموم احواله الى الله سبحانه وتعالى سائلا إياه تسخيرهم وجرهم الى الطاعة والحاجة لا سيما أدبار الصلوات الخمس وغيرها وعند افتتاح السور وخواتيمها ثم يقرأ بعد ذلك كله الحروز المعهودة وينفث على جسده كله ما يمكنه الوصول اليه من بدنه .
Comments
Post a Comment